شخصية أم عادات فكرية - ما هو المسمى الصحيح ؟

Aug 18, 2025

 ان يتعرف الانسان على شخصيته ويعرف ابعادها ويميز نقاط قوته ونقاط ضعفه فيها لهو واحدة من اجمل الرحلات التي يقضي فيها الانسان وقته ، سنمضي خلال هذه المقالة لنتعرف سويا على كيفية ادراك هذه النعمة والمعجزة الالهية الكبيرة وهي الشخصية وذلك من خلال الاجابة عن بعض التساؤلات

والسؤال الاول : ماهي الشخصية ؟

للشخصية تعريفات كثيرة ولكن يعجبني التعريف التالي : الشخصية هي مجموعة العادات الفكرية التي يستخدمها الانسان في السياقات المختلفة للحياة ، وسبب اعجابي بهذا التعريف انه فعال وعملي جدا ، ان تعرف ان شخصيتك مجموعة من العادات الفكرية فهذا جيد لأنه ينفي كون الشخصية هي مجموعة من القوالب الثابتة التي نشأنا فيها وسنعيش فيها طيلة حياتنا ولا حيلة لنا تجاهها ، لأنه كون الشخصية مجموعة من العادات فبالتالي استطيع تغيير مالم يعد معززا لحياتي من هذه العادات واستبدالها بعادات أخرى اكثر تعزيزا ، مثال ذلك قد يكون من العادات الفكرية لاحدهم (جزء من شخصيته) انه انسان متفاءل ولديه حسن ظن على الدوام ولكن مع مرور الزمن لاحظ ان تفاؤله في سياق التعامل مع الاخرين وخصوصا مع من لا تربطه معهم علاقة وثيقة يؤدي الى تعرضه للأذى من بعضهم بسبب منحه الثقة وحسن ظنه في اشخاص ربما لا يستحقونها ، وربما لو سألته لقال ان هذه هي شخصيته التي ولد عليها ولا حيلة له في تغييرها ولكن بعد معرفته ان حسن الظن والتفاؤل هي عادة فكرية بإمكانه تغييرها واستبدالها في سياق معين وهو مع الاغراب من الأشخاص بعادة الحذر في هذه المواقف فقط أصبحت علاقته إيجابية ومنع عنه الأذى الذي كان يحدث بتكرار

هكذا كونك تنظر الى الشخصية على انها عادات فكرية هو اكثر فعالية من كونها مجرد قوالب ثابتة لا حيلة لنا تجاهها

 


 

السؤال الثاني : لماذا يجتاج الانسان الى ان يتعلم كيف يعرف شخصيته .. ألا يعرفها من تلقاء نفسه ؟

والاجابة انه للاسف ليس بمقدورنا ان نعرف شخصياتنا الا من خلال امرين ، الاول وهو من خلال ملاحظاتنا لسلوكنا وطرق تفكيرنا في الاحداث الحياتية المختلفة ولكن هذه الطريقة تحتاج منا الى وقت كبير واحيانا الى عمر كامل ، والثاني وهو تعلم هذا العلم عن الشخصية والعادات الفكرية من خلال الكتب او الكورسات او التحدث مباشرة مع احد الخبراء في هذا المجال وميزة هذه الطريقة انها تختصر لك الزمن وتفتح عينيك على ما منحك الله اياه من العطايا فتستطيع استخدامه الاستخدام الامثل بالنسبة لك وتحصل على اكبر قدر من الفائدة من وراءه

لا اكاد اذكر اني انهيت تدريبي لهذا الموضوع دون ان اسمع او اتلقى تعليقات شكر وامتنان مثل لقد فتحت عيناي وعقلي على امور عن نفسي كثيرة ، او لقد استطعت اليوم فقط ان اعرف لماذا اتصرف كل مرة بنفس الطريقة التي ربما كانت معطلة ومعوقة بالنسبة لي

ان من طبيعة عقل الانسان التي خلقه الله عليها انه يحول كل الافعال والافكار المتكررة الى عادات ومع الوقت يبدأ يكررها دون الحاجة الى التفكير فيها ودون تسميتها وبالتالي تتحول العادات الى عادات لا واعية يعني يفعلها دون الحاجة الى الانتباه لها مثال الشخص الماهر في قيادة الدراجة الهوائية كان في البداية يتعلمها وهو بكامل تركيزه ويوما تلو الاخر اصبح يمارسها وهو غير منبه بل يمارسها وهو ربما منشغل في شيء اخر كالكلام في الموبايل او حمل اغراض اخرى

عندما ينتبه الانسان الى المهارات او العادات المتكونة لديه وهو غير واعي بوجودها فان ذلك مما يمنح الانسان القدرة على شيئين تطويرها وتعليم مفرداتها للاخرين

 


 

السؤال الثالث : ماهي الطرق التي اتعلم منها شخصيتي

1- اسهل هذه الطرق واكثرها فعالية هو ان تستثمر في عمل احدى تقييمات الشخصية القوية ذات النتائج الفعالة التي تستطيع ان تبني عليها تطوير في عاداتك الفكرية ، انا شخصيا دائما ما اوصي بتقييم الديسك واحب العمل عليه وتدريبه للاخرين ، لكن يوجد تقييمات اخرى على الانترنت مثل

16 personality

enneagram

value based assessment

لكن تقييم الديسك يمنحك القدرة على ادراك عاداتك الفكرية جيدا والتعرف على نقاط القوة فيها على حسب السياقات والمواقف الحياتية و التعرف ايضا على نقاط الضعف مع الاشارة الى بعض الطرق المحتملة لتطويرها

لا اذكر انني ناقشت نتيجة هذا التقييم مع احد الاشخاص الا وقد كان علامة فارقة في رحلة حياته ، واختلفت حياته بعد جلسة الحوار عن قبلها من حيث القدرة على الوعي بالعادات الفكرية المتحكمة في سلوكه وافعاله وحتى القدرة على فهم الاخرين وسلوكياتهم وانه اصبح على وعي تام بما عليه تغييره او تطويره في حياته

2- حضور ورشة عمل او جروب كوتشينج مخصص لتعليم العادات الفكرية والتعديل عليها

3- حجز جلسات مع خبير في مجال التعرف على الشخصية سيساعدك بطرق بسيطة ويساعدك ايضا في الوعي بالتغييرات اللازمة التي ربما عليك اتباعها

4- قراءة احد الكتب التي تشرح كيفية التعرف على مفردات الشخصية ، وقد ألفت لك عزيز القارئ كتاب (وجهين لعملة واحدة) وهو يتناول هذه المعرفة بشكل بسيط بعيد التعقيدات وعملي اذ يساعدك اثناء القراءة بالتعرف على عاداتك الفكرية شيئا فشيئا وخصصت الفصل الثاني منه لشرح كيفية عمل استراتيجيات التغيير اللازمة

 


 

السؤال الرابع : بعد ان عرفت شخصيتي (عاداتي الفكرية) ما هي الخطوة التالية ؟

الخبر السار انه بمجرد معرفتك للعادات الفكرية لك ووعيك بها سيقوم عقلك تلقائيا بصنع بعض التعديلات على سلوكياتك وافكارك ستلحظها خلال الفترة التالية لمعرفتك تلك ، ولكن لتسريع عملية التطوير والاستفادة القصوى بما منحك الله من عادات ومهارات فكرية فانني انصح بان تقوم برسم خطتين متوازيتين ، الاولى : لتطوير نقاط قوتك وتحقيق اقصى استفادة منها ولاخطة الثانية : لعمل ما تحتاجه من تغييرات على نقاط الضعف التي ظهرت لك في التقييم

ان التعديلات على النقاط الضعف يشمل التعرف على السياق التي تظهر فيه تلك المهارة على انها نقطة ضعف ، ذا لا يوجد عادة فكرية او صفة شخصية هي خطأ على الدوام او صحيحة على الدوام ، ولنأخذ مثال على ذلك الشخص الذي لديه عادة الحسم وهي نقطة قوة له في عمله ومهنته ومن الاسباب الاساسية لنجاحه ولكن لو نظرنا لنفس الصفة وفعلها في اسرته فقد نجد ان افراط استخدامها هو بمثابة نقطة ضعف اذ ربما تبني بينه وبين اولاده حواجز لم يكن من الضروري وجودها بل من الافضل عدم وجودها بنفس المعايير التي توجد في العمل وبالتالي فان نقطة الضعف ليست الحسم بل هي الحسم داخل الاسرة بنفس المعايير التي يستخدمها في العمل ، هنا فقط يستطيع تطويرها والتعديل عليها في هذا الاطار والسياق واستبدالها بما يراه هو مناسبا لذلك فقد يختار البعض استبدالها بالاستماع التفاعلي مع الابناء او ربما يختار استبدالها باطار المرح والفكاهة او غير ذلك وهنا تكمن روعة هذه المعرفة وهي التعرف على العادات الفكرية (الشخصية)

من اروع واجمل الجلسات التي استمتع بها مع اصدقائي والعملاء هي جلسات ما بعد التعرف على الشخصية اذ أقوم فيها بمساعدتهم على بناء استراتيجيات بسيطة وفعالة لتجاوز نقاط الضعف في حياتهم واستراتيجيات لتفعيل الاستفادة القصوى مما منحهم الله اياه من عادات فكرية تشكل شخصيتهم ، وجعلها تتجلى بقوة في جوانب حياتهم المختلفة وفي ادوارهم الحياتية التي يقومون بها وهي ما أسميه رحلة صناعة انسان ناجح ، ولذلك اقول دوما اول خطوات طريق النجاح هو الوعي بالذات

 

مكتبة مقالات النجاح

واصل الان رحلة التعرف على مفردات النجاح من خلال مكتبة المقالات

انتقل الان